اضطرابات النوم
الشخير: ( 7_14 )
مشكلة اجتماعية يعاني منها باستمرار حوالي 5 % من النساء و12 % من الرجال ، وتكثر عند البدينين ، علاوة على أن نسبة أخرى من الناس يعانون منها من وقت لآخر .
والشخير يحرم النائم من لذة النوم العميق الذي هو ضروري بعد تعب النهار ، وكما يزعج المصاب زوجه بشخيره وقد ينعكس ذلك على صح الزوجين وعلاقتهما العائلية .
والشخير صوت يحدث في المنطقة التي تتصالب فيها الطرق التنفسية مع السبيل الهضمي عند التنفس من الفم ، فالتنفس الفموي يؤدي إلى رفع شراع الحنك بشكل دوري مما يؤدي إلى اهتزازه مولداً لذلك الصوت .
وفي دراسة إيطالية على مجموعة من الأطفال ، وجد أن من أسباب الشخير نزلات البرد ، وبعد استئصال اللوزتين ، ووجود والدين مدخنين في المنزل نتيجة احتقان الأغشية المخاطية عند الأطفال بسبب الدُّخان . ويرى البرفسور بروسن أن الشخير لا يحدث إلا عند الاستلقاء على الظهر والذي يشترك غالباً مع التنفس الفموي .
وعلاج الشخير قد يكون صعباً ولكن من المفيد التزام الهدي النبوي في النوم على الشق الأيمن قدر الإمكان ، وتجنب النوم على الظهر ، كما يفيد وضع وسادة لرفع الرأس ، كما يجب استئصال الزوائد والناميات حال وجودها في الأنف أو البلعوم .
الأرق :
ظاهرة شائعة تعرف بأنها عدم القدرة على الدخول في النوم ، أو عدم القدرة على النوم المدة التي يعتقد أنه ينبغي نومها ، أو حدوث تقطع متكرر في النوم ( 7 ) .
ويعدد كتاب هاريسون أسباب الأرق : القلق وبعض الأمراض من نفسية أو بدنية ، وإن لكثرة تناول الأدوية عند المسنين دور هام في إحداثه ، ومن أسباب الأرق تناول القهوة والشاي قبيل النوم ، أو تناول وجبة دسمة وما يرافقها من عسرة في الهضم ، والضجيج يؤثر بشكل مباشر على الدخول في النوم ، والنيكوتين الموجود في دخان التبغ مادة مثيرة للدماغ يمكن أن تسبب الأرق .
والعاملون في الليل ، أو في أوقات متغيرة من يوم لآخر معرضون للإصابة بالأرق إلا أن القلق الناجم عن ضغوط الحياة اليومية ومشاكلها هو السبب الأهم في إحداث الأرق ، وربما يكون الضغط النفسي المؤدي إلى القلق سبباً هاماً جداً للأرق ( 7 ) .
علاج للأرق :
للأطباء اليوم نصائح لمن يصعب عليهم الدخول في النوم منها أن يلجأ الأرق إلى القراءة في السرير ، أو أنيردد بعض الكلمات أو الحركات الرتيبة ، أو أن يتبع نظاماً للتنفس شبيهاً بنظام التنفس أثناء النوم ، أ, أ، يعدَّ من الواحد إلى اثنين أثناء الشهيق ، ثم يواصل العد مرة أخرى إلى ثلاثة أثناء الزفير .
ويعلق الدكتور أنور حمدي ( 22 ) فيقول : "ينصحون بترديد كلمات أو قصيدة أو العد وكل ذلك من باب الإيحاء وإن الأدعية التي يرددها المسلم كما تعلمها من رسول الله ( ص ) عند نومه تحقق له المطلوب علاوة على الثواب والأمن والراحة النفسية " . … فعن محمد بن يجيى أن خالد بن الوليد رضي الله عنه أصابه أرق فشكا ذلك إلى النبي ( ص ) فأمره أن يتعوذ بكلمات الله التامات من غضبه ومن شرِّ عباده ومن همزات الشياطين أن يحضرون .
وفي رواية أخرى أن النبي ( ص ) أجاب خالداً فقال:" إذا أويت إلى فراشك فقل اللهم رب السموات السبع وما أظلت ن ورب الأرضين السبع وما أقلت ، ورب الشياطين وما أضلَّت ، كن لي جاراً من شر خلقك كلهم جميعاً أن يفرط عليَّ أحد منهم وأن يبغي علي ، عزَّ جارك وجلَّ ثناؤك ولا إله غيرك لا إله إلا أنت " رواه الترمذي بسند ضعيف .
وروى الإمام النووي في الأذكار عن الإمام مالك أنه بلغه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقوم جوف الليل فيقول :" نامت العيون وغارت النجوم وأنت حي قيوم " رواه مالك في الموطأ ، وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال :شكوت إلى رسول الله ( ص ) أرقاً أصابني فقال :قل " اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم ، يا حي يا قيوم أهدئ ليلي وأنم عيني " فقلتها فأذهب الله عني ما أجد .
وينصح علماء الصحة ( 7 _ 14 ) المصابين بالأرق أن يبتعدوا عن تناول القهوة والشاي والكولا والشوكولا قبل ثلاث ساعات من النوم ، كما يحذر بعضهم من تناول البرتقال والفلفل الأخضر قبيل النوم لما فيهما من مواد منشطة ، وكذا مجموعة الفيتامينات ب وث ، كما ينصحونهم بتجنب العشاء الثقيل ، ويجب أ، يكون عشاء مبكراً وأن يحتوي على البيض ومشتقات الحليب لأنها تحتوي على مواد تساعد على الاسترخاء والاستغراق في النوم .
ويعتبر أولد فيلد أن أفضل علاج للأرق وخاصة عند المسنين كأس ماء فاتر تذاب فيه ملعقة كبيرة من العسل ، ويتقل الدكتور أنور حمدي أن النشويات والموز تولد التربتوفان في البدن وهو مهدئ طبيعي ، وكذا فإن الخضار الغنية بالكلس كالخس والملفوف لها فعالية مهدئة ومساعدة للنوم .
يختار لغرفة النوم أن تكون مهدَّاة ، وأن تكون الأكثر تعرضاً للشمس ، وأن يتجنب في طلائها الألوان الزاهية وخصوصاً الأحمر ، وأن أفضل لوت يعين على الاسترخاء هو الأخضر أو الأزرق الشمعي ، كما أ، المشي بعد العَشاء ولو لمدة 15_30 دقيقة يفيد جداً في جلب النوم .
وينصح الدكتور سمير الحلو ( 14 ) بعدم اللجوء إلى الأدوية المنومة لمعالجة الأرق إلا بنصيحة طبيب اختصاصي وعند الضرورة القصوى ، لأن اللجوء إليها كالمستجير من الرمضاء بالنار ولأن مخاطرها تفوق منافعها ، وعلى المضطر إليها أن يتناولها بصورة متقطعة ومتباعدة قدر الإمكان ، وإن أهم مضاعفاتها كثرة حدوث الإمساك ، والإرهاق العام وفوار القوى وإمكانية إحداثها للإدمان .
.
الرؤى والأحلام
يقدر الباحثون أن ربع نوم الإنسان يقضيه صاحبه في فترة الأحلام ولكن معظمها يصعب تذكرها ويندر ه صاحبه في فترة الأحلام ولكن معظمها يصعب تذكرها ويندر إلا عندما يكون للحلم أثر كبير بحيث يتذكره الإنسان في الصباح .
وقد كثرت تأويلات الأحلام وأسبابها وبواعثها بحسب المؤول وخلفيته الثقافية والفكرية ، وخرج لنا أناس ضلوا وأضلوا في تفاسيرهم أمثال فرويد اليهودي ،. وحيث أن الأمر كما يقول الدكتور سمير الحلو ( 14 ) غير عادي ، ولا يمكن قياسه بأي مقياس بشري ، وكل ما نعلمه هو أقاويل وخبرات شخصية لذلك فإن أصدق حديث يفسر هذا هو حديث من لا ينطق عن الهوى سيدنا محمد ( ص ) فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ( ص ) قال:" إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدكم حديثاً ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة ، والرؤيا ثلاث : فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ، والرؤيا تخزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه ، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل وفي رواية وليتفل ، ولا يحدث بها الناس " .
قال ابن الأثير ( 24 ) اقتراب الزمان هو عند اعتدال الليل والنهار في فصلي الربيع والصيف ، وقيل أراد باقتراب الزمان قرب الساعة ودنو القيامة آخر الزمان .
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي ( ص ) قال:" الرؤيا ثلاثة : منها تهاويل الشيطان ليحزن بها بني آدم ، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته يراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة " .
وعن جابر رضي الله عنه قال: جاء أعرابي فقال يا رسول الله رأيت في منامي كأن رأسي قطع فأنا أتبعه فقال ( ص ) :" إذا تلاعب الشيطان بأحدكم في المنام فلا يخبر به الناس " رواه مسلم .
وخلاصة ما جاءت به السنة أن على المسلم إذا رأى رؤيا فإن كانت شراً فلا بخبر بها الناس وليتفل عن شماله وليتعوذ من الشيطان أو ليقم فليصل ركعتين فإنها لن تضره ؛ وإن كانت خيراً فلا يقصها إلا على عالم فقيه بتعبير الرؤيا أو على رجل محب ناصح . فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي ( ص ) قال:" إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها الناس ، وإذا رأى أحدكم غير ذلك مما يكره فإنها من الشيطان فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لن تضره " .
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ( ص ) يقول:" الرؤيا من الله والحلم من الشيطان ، فإذا حلم أحدكم الحلم يكرهه فليبصق عن يساره وليستعذ بالله منه فلن يضره "رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ( ص ) قال:" إن الرؤيا تقع على ما تعبر ومثل ذلك من رفع رجله فهو ينتظر حتى يضعها ، فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً " .
وعن أبي رزين العقيلي أن النبي ( ص ) قال:" الرؤيا على رجل طائر حتى تُعبر فإذا عبرت وقعت ، قال الراوي وأحسبه قال: ولا يقصها إلا على وادٍّ أو ذي رأي " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ( ص ) قال:" لم يبق من بعدي من النبوة إلا المبشرات " قالوا: وما المبشرات ؟ قال:" الرؤيا الصالحة " رواه البخاري.
وعن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله تعالى:" لهم البشرى في الحياة الدنيا " قال:" هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له " .
ويلخص الشيخ محمد علي الصابوني ( 25 ) أنواع الرؤيا فيقول :
" والرؤيا المنامية من علام الغيب فقد تكون حقيقة واقعة ، وقد تكون أضغاث أحلام أو من تلاعب الشيطان . وقد قسمها العلماء إلى ثلاثة أقسام :
أحدها حديث النفس كمن يهمه أمر في نهاره ويشتغل فكره بقضية ما فيراها في منامه ، ويسميها علماء النفس أحلام الذاكرة كالعاشق الولهان يجد معشوقته في مناهم .
والثانية أضغاث أحلام لا حقيقة لها بل هي من رعونة النفس وتلاعب الشيطان بالإنسان .
والثالثة الرؤيا الصادقة التي هي بشرى من الرحمن ، وهي الرؤيا الحسنة التي يراها المؤمن في منامه أو يراها له أخ صديق .
ويحرم على المسلم أن يختلق رؤيا لم يرها فهي من الكذب المحض ، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ( ص ) قال:" من تحلَّم بحلم لم يره كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل " رواه البخاري .
حقائق علمية عن الأحلام :
ينقل الدكتور حسان شمسي باشا عن كتاب الجمعية البريطانية لصحة العائلة ( 1990 ) يقول: هناك أدلة قوية تشير إلى أن الأحلام تحدث بشكل خاص في فترة النوم الحالم ( المتناقض ) ، ورغم أن هناك جدلاً كبيراً حول وظيفة الأحلام إلا أن العلماء تمكنوا من معرفة النواحي الغريزية للأحلام حيث يكون الدماغ نشيطاً في فترة النوم الحالم ويزداد جريان الدم وتزداد حرارته ، ويمكن أن يوحي ذلك بأن الدماغ يهيئ نفسه لنشاط جديد .
وقد ترى الأحلام على أنها إعادة تنظيم للمشاعر والأحاسيس والأفكار والذكريات التي كانت تشغل الإنسان في ذلك النهار ( 7 ) .
ويرى الدكتور قتيبة الجلبي ( 26 ) أن هناك نوعين من الأحلام : الأول يحدث في فترة النوم الهادئ وتتصف بأن لها علاقة مباشرة بالحياة ، وبصورة منطقية سليمة ، وقد يكون من نتائجها اكتشاف علمي لمخترع أو حل لمعضلة اجتماعية أو حسابية ، وهي أحلام من نتائج القشرة المخية في مقدمة الدماغ .
والنوع الثاني يحدث في مرحلة النوم الحالم وتتصف بكونها نتيجة للرغبات والأفكار المكبوتة في عالم اللاشعور ، وتتصف غالباً بالغرابة واختلاط المرئيات والأسماع .
ويمكن للنوعين من الأحلام أن يشتركا في الظهور في آن واحد وتقول مدرسة التحليل النفسي أننا ملزمون بالاعتقاد بأن بعض الرؤى تحمل نبوءات عن المستقبل القريب أو البعيد .
مراجع البحث
1 د. غياث الأحمد : الطب النبوي في ضوء الملم الحديث .؟
2 الإمام القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير السيوطي ) .
3 الإمام الطبري
4 د. حامد الخوابي : بين الطب والإسلام ، دار الكاتب العربي ، القاهرة – 1965 .
5 الإمام أبو الفخر الرازي : تفسير الرازي .
6 د. عبد الحميد دياب وأحمد قرقوز : مع الطب في القرآن الكريم .
7 د. حسان شمسي باشا : النوم والأرق والأحلام بين الطب والقرآن ، دار المنارة ، جدة – 1991 .
8 د.إبراهيم الراوي : استشارات طبية في ضوء الإسلام ، حضارة الإسلام ، المجلد 11 / العدد 3 / لعام 1970 .
9- د.محمد ناظم النسيمي : الطب النبوي والعلم الحديث ، مؤسسة الرسالة ، بيروت – 1986 .
10- د. عبد الرازق كيلاني : الحقائق الطبية في الإسلام ، دار القلم ، دمشق – 1996 .
11- د.نيريس دي : الأحلام تفسيرها ودلالتها ، القاهرة ، عالم الكتب .
12- د.إبراهيم الراوي : استشارات طبية ، حضارة الإسلام ، المجلد 14 / العدد 10 / لعام 1974 .
13- الحافظ ابن حجر العسقلاني : فتح الباري في صحيح البخاري .
14- د. سمير إسماعيل الحلو : الليل نومه وقيامه ، دار التراث ، المدينة المنورة – 1992 .
15- الإمام ابن
عن كتاب روائع الطب الإسلامي
ونشر الموضوع بموافقة المؤلف
الشخير: ( 7_14 )
مشكلة اجتماعية يعاني منها باستمرار حوالي 5 % من النساء و12 % من الرجال ، وتكثر عند البدينين ، علاوة على أن نسبة أخرى من الناس يعانون منها من وقت لآخر .
والشخير يحرم النائم من لذة النوم العميق الذي هو ضروري بعد تعب النهار ، وكما يزعج المصاب زوجه بشخيره وقد ينعكس ذلك على صح الزوجين وعلاقتهما العائلية .
والشخير صوت يحدث في المنطقة التي تتصالب فيها الطرق التنفسية مع السبيل الهضمي عند التنفس من الفم ، فالتنفس الفموي يؤدي إلى رفع شراع الحنك بشكل دوري مما يؤدي إلى اهتزازه مولداً لذلك الصوت .
وفي دراسة إيطالية على مجموعة من الأطفال ، وجد أن من أسباب الشخير نزلات البرد ، وبعد استئصال اللوزتين ، ووجود والدين مدخنين في المنزل نتيجة احتقان الأغشية المخاطية عند الأطفال بسبب الدُّخان . ويرى البرفسور بروسن أن الشخير لا يحدث إلا عند الاستلقاء على الظهر والذي يشترك غالباً مع التنفس الفموي .
وعلاج الشخير قد يكون صعباً ولكن من المفيد التزام الهدي النبوي في النوم على الشق الأيمن قدر الإمكان ، وتجنب النوم على الظهر ، كما يفيد وضع وسادة لرفع الرأس ، كما يجب استئصال الزوائد والناميات حال وجودها في الأنف أو البلعوم .
الأرق :
ظاهرة شائعة تعرف بأنها عدم القدرة على الدخول في النوم ، أو عدم القدرة على النوم المدة التي يعتقد أنه ينبغي نومها ، أو حدوث تقطع متكرر في النوم ( 7 ) .
ويعدد كتاب هاريسون أسباب الأرق : القلق وبعض الأمراض من نفسية أو بدنية ، وإن لكثرة تناول الأدوية عند المسنين دور هام في إحداثه ، ومن أسباب الأرق تناول القهوة والشاي قبيل النوم ، أو تناول وجبة دسمة وما يرافقها من عسرة في الهضم ، والضجيج يؤثر بشكل مباشر على الدخول في النوم ، والنيكوتين الموجود في دخان التبغ مادة مثيرة للدماغ يمكن أن تسبب الأرق .
والعاملون في الليل ، أو في أوقات متغيرة من يوم لآخر معرضون للإصابة بالأرق إلا أن القلق الناجم عن ضغوط الحياة اليومية ومشاكلها هو السبب الأهم في إحداث الأرق ، وربما يكون الضغط النفسي المؤدي إلى القلق سبباً هاماً جداً للأرق ( 7 ) .
علاج للأرق :
للأطباء اليوم نصائح لمن يصعب عليهم الدخول في النوم منها أن يلجأ الأرق إلى القراءة في السرير ، أو أنيردد بعض الكلمات أو الحركات الرتيبة ، أو أن يتبع نظاماً للتنفس شبيهاً بنظام التنفس أثناء النوم ، أ, أ، يعدَّ من الواحد إلى اثنين أثناء الشهيق ، ثم يواصل العد مرة أخرى إلى ثلاثة أثناء الزفير .
ويعلق الدكتور أنور حمدي ( 22 ) فيقول : "ينصحون بترديد كلمات أو قصيدة أو العد وكل ذلك من باب الإيحاء وإن الأدعية التي يرددها المسلم كما تعلمها من رسول الله ( ص ) عند نومه تحقق له المطلوب علاوة على الثواب والأمن والراحة النفسية " . … فعن محمد بن يجيى أن خالد بن الوليد رضي الله عنه أصابه أرق فشكا ذلك إلى النبي ( ص ) فأمره أن يتعوذ بكلمات الله التامات من غضبه ومن شرِّ عباده ومن همزات الشياطين أن يحضرون .
وفي رواية أخرى أن النبي ( ص ) أجاب خالداً فقال:" إذا أويت إلى فراشك فقل اللهم رب السموات السبع وما أظلت ن ورب الأرضين السبع وما أقلت ، ورب الشياطين وما أضلَّت ، كن لي جاراً من شر خلقك كلهم جميعاً أن يفرط عليَّ أحد منهم وأن يبغي علي ، عزَّ جارك وجلَّ ثناؤك ولا إله غيرك لا إله إلا أنت " رواه الترمذي بسند ضعيف .
وروى الإمام النووي في الأذكار عن الإمام مالك أنه بلغه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقوم جوف الليل فيقول :" نامت العيون وغارت النجوم وأنت حي قيوم " رواه مالك في الموطأ ، وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال :شكوت إلى رسول الله ( ص ) أرقاً أصابني فقال :قل " اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم ، يا حي يا قيوم أهدئ ليلي وأنم عيني " فقلتها فأذهب الله عني ما أجد .
وينصح علماء الصحة ( 7 _ 14 ) المصابين بالأرق أن يبتعدوا عن تناول القهوة والشاي والكولا والشوكولا قبل ثلاث ساعات من النوم ، كما يحذر بعضهم من تناول البرتقال والفلفل الأخضر قبيل النوم لما فيهما من مواد منشطة ، وكذا مجموعة الفيتامينات ب وث ، كما ينصحونهم بتجنب العشاء الثقيل ، ويجب أ، يكون عشاء مبكراً وأن يحتوي على البيض ومشتقات الحليب لأنها تحتوي على مواد تساعد على الاسترخاء والاستغراق في النوم .
ويعتبر أولد فيلد أن أفضل علاج للأرق وخاصة عند المسنين كأس ماء فاتر تذاب فيه ملعقة كبيرة من العسل ، ويتقل الدكتور أنور حمدي أن النشويات والموز تولد التربتوفان في البدن وهو مهدئ طبيعي ، وكذا فإن الخضار الغنية بالكلس كالخس والملفوف لها فعالية مهدئة ومساعدة للنوم .
يختار لغرفة النوم أن تكون مهدَّاة ، وأن تكون الأكثر تعرضاً للشمس ، وأن يتجنب في طلائها الألوان الزاهية وخصوصاً الأحمر ، وأن أفضل لوت يعين على الاسترخاء هو الأخضر أو الأزرق الشمعي ، كما أ، المشي بعد العَشاء ولو لمدة 15_30 دقيقة يفيد جداً في جلب النوم .
وينصح الدكتور سمير الحلو ( 14 ) بعدم اللجوء إلى الأدوية المنومة لمعالجة الأرق إلا بنصيحة طبيب اختصاصي وعند الضرورة القصوى ، لأن اللجوء إليها كالمستجير من الرمضاء بالنار ولأن مخاطرها تفوق منافعها ، وعلى المضطر إليها أن يتناولها بصورة متقطعة ومتباعدة قدر الإمكان ، وإن أهم مضاعفاتها كثرة حدوث الإمساك ، والإرهاق العام وفوار القوى وإمكانية إحداثها للإدمان .
.
الرؤى والأحلام
يقدر الباحثون أن ربع نوم الإنسان يقضيه صاحبه في فترة الأحلام ولكن معظمها يصعب تذكرها ويندر ه صاحبه في فترة الأحلام ولكن معظمها يصعب تذكرها ويندر إلا عندما يكون للحلم أثر كبير بحيث يتذكره الإنسان في الصباح .
وقد كثرت تأويلات الأحلام وأسبابها وبواعثها بحسب المؤول وخلفيته الثقافية والفكرية ، وخرج لنا أناس ضلوا وأضلوا في تفاسيرهم أمثال فرويد اليهودي ،. وحيث أن الأمر كما يقول الدكتور سمير الحلو ( 14 ) غير عادي ، ولا يمكن قياسه بأي مقياس بشري ، وكل ما نعلمه هو أقاويل وخبرات شخصية لذلك فإن أصدق حديث يفسر هذا هو حديث من لا ينطق عن الهوى سيدنا محمد ( ص ) فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ( ص ) قال:" إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدكم حديثاً ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة ، والرؤيا ثلاث : فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ، والرؤيا تخزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه ، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل وفي رواية وليتفل ، ولا يحدث بها الناس " .
قال ابن الأثير ( 24 ) اقتراب الزمان هو عند اعتدال الليل والنهار في فصلي الربيع والصيف ، وقيل أراد باقتراب الزمان قرب الساعة ودنو القيامة آخر الزمان .
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي ( ص ) قال:" الرؤيا ثلاثة : منها تهاويل الشيطان ليحزن بها بني آدم ، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته يراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة " .
وعن جابر رضي الله عنه قال: جاء أعرابي فقال يا رسول الله رأيت في منامي كأن رأسي قطع فأنا أتبعه فقال ( ص ) :" إذا تلاعب الشيطان بأحدكم في المنام فلا يخبر به الناس " رواه مسلم .
وخلاصة ما جاءت به السنة أن على المسلم إذا رأى رؤيا فإن كانت شراً فلا بخبر بها الناس وليتفل عن شماله وليتعوذ من الشيطان أو ليقم فليصل ركعتين فإنها لن تضره ؛ وإن كانت خيراً فلا يقصها إلا على عالم فقيه بتعبير الرؤيا أو على رجل محب ناصح . فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي ( ص ) قال:" إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها الناس ، وإذا رأى أحدكم غير ذلك مما يكره فإنها من الشيطان فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لن تضره " .
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ( ص ) يقول:" الرؤيا من الله والحلم من الشيطان ، فإذا حلم أحدكم الحلم يكرهه فليبصق عن يساره وليستعذ بالله منه فلن يضره "رواه البخاري ومسلم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ( ص ) قال:" إن الرؤيا تقع على ما تعبر ومثل ذلك من رفع رجله فهو ينتظر حتى يضعها ، فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً " .
وعن أبي رزين العقيلي أن النبي ( ص ) قال:" الرؤيا على رجل طائر حتى تُعبر فإذا عبرت وقعت ، قال الراوي وأحسبه قال: ولا يقصها إلا على وادٍّ أو ذي رأي " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ( ص ) قال:" لم يبق من بعدي من النبوة إلا المبشرات " قالوا: وما المبشرات ؟ قال:" الرؤيا الصالحة " رواه البخاري.
وعن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله تعالى:" لهم البشرى في الحياة الدنيا " قال:" هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له " .
ويلخص الشيخ محمد علي الصابوني ( 25 ) أنواع الرؤيا فيقول :
" والرؤيا المنامية من علام الغيب فقد تكون حقيقة واقعة ، وقد تكون أضغاث أحلام أو من تلاعب الشيطان . وقد قسمها العلماء إلى ثلاثة أقسام :
أحدها حديث النفس كمن يهمه أمر في نهاره ويشتغل فكره بقضية ما فيراها في منامه ، ويسميها علماء النفس أحلام الذاكرة كالعاشق الولهان يجد معشوقته في مناهم .
والثانية أضغاث أحلام لا حقيقة لها بل هي من رعونة النفس وتلاعب الشيطان بالإنسان .
والثالثة الرؤيا الصادقة التي هي بشرى من الرحمن ، وهي الرؤيا الحسنة التي يراها المؤمن في منامه أو يراها له أخ صديق .
ويحرم على المسلم أن يختلق رؤيا لم يرها فهي من الكذب المحض ، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ( ص ) قال:" من تحلَّم بحلم لم يره كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل " رواه البخاري .
حقائق علمية عن الأحلام :
ينقل الدكتور حسان شمسي باشا عن كتاب الجمعية البريطانية لصحة العائلة ( 1990 ) يقول: هناك أدلة قوية تشير إلى أن الأحلام تحدث بشكل خاص في فترة النوم الحالم ( المتناقض ) ، ورغم أن هناك جدلاً كبيراً حول وظيفة الأحلام إلا أن العلماء تمكنوا من معرفة النواحي الغريزية للأحلام حيث يكون الدماغ نشيطاً في فترة النوم الحالم ويزداد جريان الدم وتزداد حرارته ، ويمكن أن يوحي ذلك بأن الدماغ يهيئ نفسه لنشاط جديد .
وقد ترى الأحلام على أنها إعادة تنظيم للمشاعر والأحاسيس والأفكار والذكريات التي كانت تشغل الإنسان في ذلك النهار ( 7 ) .
ويرى الدكتور قتيبة الجلبي ( 26 ) أن هناك نوعين من الأحلام : الأول يحدث في فترة النوم الهادئ وتتصف بأن لها علاقة مباشرة بالحياة ، وبصورة منطقية سليمة ، وقد يكون من نتائجها اكتشاف علمي لمخترع أو حل لمعضلة اجتماعية أو حسابية ، وهي أحلام من نتائج القشرة المخية في مقدمة الدماغ .
والنوع الثاني يحدث في مرحلة النوم الحالم وتتصف بكونها نتيجة للرغبات والأفكار المكبوتة في عالم اللاشعور ، وتتصف غالباً بالغرابة واختلاط المرئيات والأسماع .
ويمكن للنوعين من الأحلام أن يشتركا في الظهور في آن واحد وتقول مدرسة التحليل النفسي أننا ملزمون بالاعتقاد بأن بعض الرؤى تحمل نبوءات عن المستقبل القريب أو البعيد .
مراجع البحث
1 د. غياث الأحمد : الطب النبوي في ضوء الملم الحديث .؟
2 الإمام القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير السيوطي ) .
3 الإمام الطبري
4 د. حامد الخوابي : بين الطب والإسلام ، دار الكاتب العربي ، القاهرة – 1965 .
5 الإمام أبو الفخر الرازي : تفسير الرازي .
6 د. عبد الحميد دياب وأحمد قرقوز : مع الطب في القرآن الكريم .
7 د. حسان شمسي باشا : النوم والأرق والأحلام بين الطب والقرآن ، دار المنارة ، جدة – 1991 .
8 د.إبراهيم الراوي : استشارات طبية في ضوء الإسلام ، حضارة الإسلام ، المجلد 11 / العدد 3 / لعام 1970 .
9- د.محمد ناظم النسيمي : الطب النبوي والعلم الحديث ، مؤسسة الرسالة ، بيروت – 1986 .
10- د. عبد الرازق كيلاني : الحقائق الطبية في الإسلام ، دار القلم ، دمشق – 1996 .
11- د.نيريس دي : الأحلام تفسيرها ودلالتها ، القاهرة ، عالم الكتب .
12- د.إبراهيم الراوي : استشارات طبية ، حضارة الإسلام ، المجلد 14 / العدد 10 / لعام 1974 .
13- الحافظ ابن حجر العسقلاني : فتح الباري في صحيح البخاري .
14- د. سمير إسماعيل الحلو : الليل نومه وقيامه ، دار التراث ، المدينة المنورة – 1992 .
15- الإمام ابن
عن كتاب روائع الطب الإسلامي
ونشر الموضوع بموافقة المؤلف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق